السبت، 15 يناير 2011

2011 .. بداية النهاية

في هذة اللحظة التي أقوم فيها بكتابة هذة السطور , أعلنت حالة الطوارئ في تونس و قام الرئيس التونسي بإقالة الحكومة و حل البرلمان , ثم تواردت الأنباء عن هروب الرئيس زين العابدين بن علي .. امتثالا لمطالب الشعب التونسي الثائر عن حق .

و إذا نظرنا إلي الأوضاع في هذا البلد الشقيق و متابعة ما يجري فيه منذ ثلاثة أسابيع و حتي هذة اللحظة , فسنجد أن هذه الإجراءات الآخيرة ما جاءت إلا نتيجة للإحتجاجات والإضرابات العامة للشعب التونسي , و التي بدأت وأخذت مجراها الحالي تضامنا مع أحداث مدينة سيدي بوزيد, و التي بدأت بعد أن قام شاب تونسي بإحراق نفسه إحتجاجا علي البطالة .

و سرعان ما أنتشرت بكثافة موجة الإحتجاجات و التظاهرات العارمة في كافة المدن و المحافظات التونسية , و هو ما أدي الي أن يقوم الرئيس التونسي (الهارب) زين العابدين بن علي بإلقاء ثلاثة خطابات موجهة الي الشعب التونسي , كان الخطاب الأول و الثاني منهم عبارة عن لغة تهديد مباشرة من الرئيس الي الشعب , أما الخطاب الثالث و الآخير فكان يحمل لغة الإمتثال لمطالب الشعب التونسي , و ذلك بعد أن فازت لغة الغضب الشعبي علي لغة القمع و الإستبداد الحكومي .!

في هذا اليوم - الجمعة 14 يناير 2011 - تظاهر أكثر من عشرون ألف مواطن تونسي في العاصمة التونسية وحدها وذلك بخلاف الأعداد الغفيرة التي تظاهرت بالتزامن في هذا اليوم في باقي المدن التونسية , أي أنه يوجد إتجاه شعبي عام و موحد حول عدة مطالب يأتي علي رأسها : إسقاط الرئيس التونسي عن الرئاسة .
فإذا كنت من المتواجدين في تونس , أو تشاهد ما يحدث هناك عبر القنوات الفضائية , فلن تجد إلا المعارضين لحكم الرئيس التونسي ولن تجد مؤيد واحد له , أي أن الشعب و بدون اللجوء الي التنظيمات و الأحزاب السياسية المعارضة , قد حدد موقفه و أعلن معارضته التامة للنظام التونسي الحاكم و للرئيس التونسي القابع في سدة الحكم منذ ثلاثة وعشرون عام .

ثلاثة أسابيع من الإحتجاجات و الإعتصامات المتواصلة كانت نتيجتها هروب الرئيس المستبد - إقالة الحكومة الفاشلة -حل البرلمان .. ولا يزال الشعب متواجد بشوارع المدن التونسية , وذلك لأنهم قد أيقنوا أن أول المطالب الشعبية هي إسقاط الحاكم الظالم وليس إسقاط الحكومة أو حل البرلمان .
وقد أيقن الشعب التونسي بأن ما هي الإستفادة من إسقاط الحكومة و حل البرلمان إذا كان الرئيس لا يزال موجودا علي كرسي الرئاسة ؟!!
فكانت المطالبة الموحدة من الشعب التونسي هي إسقاط الرئيس و ليس إسقاط الحكومة .

هذا بالنسبة لتونس , أما بالنسبة للجزائر فكانت الإحتجاجات و الإضرابات المدنية قد انتشرت في الشارع الجزائري وهو ما أدي الي السيطرة علي هذة الإضرابات ولكن في خلال أربعة أيام من بدء هذة التظاهرات , أعلنت الحكومة تخفيض الأسعار وذلك في محاولة منها لتهدئة الغضب الشعبي .
و لكن رأت الحكومة الجزائرية وهو ما بات واضحا للجميع بأن موجة الغضب الشعبي في تونس قد امتدت و بشكل ملحوظ الي الشعب الجزائري , وهو ما أدي الي أن تتخذ الحكومة الجزائرية القرارات المناسبة للحد من توتر و غضب الشعب الجزائري .

و هذا ما يتعلق بالجزائر , أما في الأردن فكانت لهذة المملكة الهاشمية نصيب من المسيرات الشعبية الغاضبة أيضا , فقد نظمت العديد من الحركات و الأحزاب السياسية المعارضة في الأردن ما يسمي بيوم الغضب الأردني و كان ميعاد هذا اليوم هو يوم الجمعة 14 يناير 2011.
و جاءت هذة المظاهر الشعبية الغاضبة إحتجاجا علي إرتفاع الأسعار و عدم القدرة علي تحمل تكاليف الحاجات الأساسية .
فقد نظمت مسيرات شعبية في كافة محافظات الأردن بعد صلاة الجمعة و قد استمرت لعدة ساعات من مساء هذا اليوم العظيم , و انتهت بإعلان إعتصام مفتوح يبدأ من يوم الأحد المقبل و ينتهي بالإمتثال لمطالب الشعب الأردني .

و علي الرغم من أن الأنباء عن الوضع في الأردن قد أشارت الي أن مؤيدين للحكومة قد إشتبكوا مع المتظاهرين الغاضبين , فإن هذا لا يمنع بأن ثورة الغضب قد نجحت في إيجاد توافق عام علي مطالبها .
وفي رأيي الشخصي فإنني أري أن هذه الإحتجاجات الشعبية في معظم الدول العربية جاءت بالتزامن مع بعضها البعض , و جاءت أيضا لإحساس الشعوب العربية بأن حكوماتها تمارس ضدها كافة اشكال الإضطهاد و القمع و الإستبداد , ومع إقتناع تلك الشعوب بأنها المقرر الوحيد لما يحدث , و أن بإستطاعتها أن تحدث إنقلابا علي الواقع الموحش التي تعيشه منذ فترات متعاقبة .

**********
و أخيرا أحب أن أوجه تحية الي الشعب التونسي علي إنجاح مهمة الإنقلاب علي الوضع المؤسف و أتمني لهم دوام الكرامة و الحرية , أما الشعبين الجزائري و الأردني فأقول لهم : إستمروا في غضبكم .. تنالوا الحرية .
تحية الي الشعوب الثائرة عن حق .

و أوجة رسالتي الثانية الي الشعب المصري :
إنني كمواطن مصري أعلم تماما بأنه يوجد حالة من الغضب الشعبي المكتوم تجاه سياسات النظام الحاكم في مصر , و لكن علينا نحن الشعب المصري القوي أن نطلق العنان لهذا الغضب الكتوم , لينفجر في وجه نظام فاسد استولي علي الحكم منذ ثلاثين عاما ولا يجد ما يحمي شرعيته غير حالة الطوارئ .
هذا النظام الفاسد الذي إستخدم كل أساليب القمع و الوحشية ضدنا .. نحن أصحاب البلاد .!
إنني لا أدعوكم الي ضرورة الإنضمام الي الحركات و الأحزاب السياسية المعارضة , ولكن أدعوكم الي ضرورة النظر بدقة علي أوضاعنا منذ ثلاثين عاما و حتي الآن .
أدعوكم الي ضرورة الإحتجاج علي هذا النظام الفاسد .
أدعوكم الي النزول الي الشارع المصري , تعبيرا عن رفضكم لكل من التوريث و الطوارئ و حكم الرئيس محمد حسني مبارك .
أدعوكم الي عدم الرضوخ لمن يحكمنا منذ ثلاثين عاما , و الذي بدأ حكمه لنا بقوله : لن استمر في الحكم أكثر من مدتين رئاسيتين فقط .!
أدعوكم الي مواجهة النظام الفاسد , لأن ذلك سيعود علينا بالخير و الكرامة و الحرية , ليس لنا فقط بل و للأجيال القادمة أيضا .. أبنائي و أبنائكم .

إذا كنتم لا ترغبون في أن يكون مصير أولادكم و بناتكم نفس مصير هذا الشاب السكندري خالد سعيد , فدعونا نسقط هذا النظام الفاسد .
إذا كنتم لا ترغبون في تزوير و تزييف أصواتكم في الإنتخابات البرلمانية و الرئاسية , فدعونا نسقط هذا النظام الفاسد .
إذا كنتم لا ترغبون في توريث السلطة , فدعونا نسقط هذا النظام الفاسد .
إذا كنتم لا ترغبون في المزيد من سنوات الطوارئ , فدعونا نسقط هذا النظام الفاسد .
إذا كنتم لا ترغبون في التمديد للرئيس محمد حسني مبارك , فدعونا نسقط نظامه الفاسد .

مواجهة القمع و الإستبداد تأتي بالغضب الشعبي وليس بالتجاهل الشعبي .